شرح الأبيات الشعرية - أيا حاسدا لي على نعمتي

أيا حاسداً لي على نعمتي أتدري على من أسأت الأدب أسأت على الله في حكمه لأنك لم ترض لي ما وهب فأخزاك ربّي بأن زادني وسدّ عليك وجوه الطلب

في الأدب العربي، تمثل الأبيات الشعرية وسيلة للتعبير عن مشاعر وتجارب الشاعر. ومن بين المواضيع الشائعة في الشعر العربي، يأتي موضوع الحسد وكيفية التعامل معه. في هذه الأبيات التي مطلعها أيا حاسداً لي على نعمتي، يلقي الشاعر الضوء على قضية حساسة ومؤثرة، وهي موقف الحاسد من نعم الله على الآخرين، وكيف يمكن أن يؤدي الحسد إلى نتائج عكسية. في هذا المقال سنشرح هذه الأبيات الشعرية شرحا مفصلا مبرزين العبرة والمغزى من كل بيت.

النص الكامل للأبيات:

أيا حاسداً لي على نعمتي

أتدري على من أسأت الأدب

أسأت على الله في حكمه

لأنك لم ترض لي ما وهب

فأخزاك ربّي بأن زادني

وسدّ عليك وجوه الطلب

شرح مفصل للأبيات الشعرية

البيت الأول: "أيا حاسداً لي على نعمتي"

في هذا البيت، يوجه الشاعر خطابه إلى الحاسد، معبرًا عن مدى استيائه من الشخص الذي يحسده على نعمةٍ رزقه الله بها. يبدأ الشاعر بلفظة "أيا" التي تدل على نداء للتحذير أو التوبيخ، مما يعكس رفض الشاعر القاطع لهذا التصرف. يصف الشاعر النعمة بـ"نعمتي"، مما يعزز شعوره بالامتنان والاعتزاز بما وهبه الله، وفي الوقت نفسه يسلط الضوء على تصرف الحاسد الذي لا يتقبل هذه النعمة.

البيت الثاني: "أتدري على من أسأت الأدب"

ينتقل الشاعر في هذا البيت إلى سؤال الحاسد بشكل استنكاري، معاتباً إياه على إساءة الأدب. فالحاسد لا يسيء للشخص الذي يحسده فقط، بل يسيء أيضًا إلى حكمة الله وعدله. هذه الأسئلة تأتي كنوع من التوبيخ واللوم للحاسد، وتجعل القارئ يعيد التفكير في مفهوم الحسد وكيف يمكن أن يكون أكثر من مجرد شعور سلبي، بل إساءة إلى عدل الله.

البيت الثالث: "أسأت على الله في حكمه"

يوضح الشاعر في هذا البيت عمق الإساءة التي ارتكبها الحاسد، فهو لا يعترض على الشخص المحسود بحد ذاته، وإنما يعترض على الله الذي منح النعمة. يعبر الشاعر هنا عن فكرة دينية وفلسفية عميقة، وهي أن الحسد ليس مجرد كراهية للآخرين، بل هو عدم الرضا بحكم الله وقدره. هذه الفكرة تحمل في طياتها بعدًا دينيًا قويًا، مما يجعل القارئ يفكر في الحسد من زاوية جديدة.

البيت الرابع: "لأنك لم ترض لي ما وهب"

يواصل الشاعر توبيخه للحاسد، مشيرًا إلى أن جذور المشكلة تكمن في عدم الرضا بما قسمه الله. الحاسد لا يرضى بنعمة الله على الآخرين، مما يجعله في صراع دائم مع نفسه ومع حكمة الله. هذه الفكرة تمثل دعوة ضمنية للتواضع والرضا بما قسم لكل شخص، وهو ما يجعل الإنسان أكثر هدوءًا وسلامًا مع نفسه ومع الآخرين.

البيت الخامس: "فأخزاك ربّي بأن زادني"

في هذا البيت، يظهر الشاعر جانبًا آخر من حكمة الله، حيث يشير إلى أن الله يعاقب الحاسد بطريقة غير مباشرة؛ فبدلاً من أن يستجيب لغيرته، يزيد من النعم على المحسود. هذه النتيجة تحمل في طياتها رسالة قوية: أن الحسد لا يؤدي إلا إلى الخزي والخسران لصاحبه، بينما يزيد الله من خيراته على المحسود، مما يجعل الحاسد في موقف أكثر إيلامًا.

البيت السادس: "وسدّ عليك وجوه الطلب"

يختتم الشاعر أبياته بالتأكيد على عقوبة الحسد، حيث يغلق الله أبواب الرزق والفرص أمام الحاسد، نتيجةً لسوء أدبه واعتراضه على حكمة الله. هذا البيت يعزز فكرة أن الحسد ليس فقط شعورًا ضارًا بالآخرين، بل هو أيضًا مؤذٍ لصاحبه، إذ يؤدي إلى إغلاق الأبواب في وجهه ويجلب له التعاسة والخيبة.

الدروس المستفادة من الأبيات الشعرية

الحسد يعكس ضعف الإيمان: الحسد ليس مجرد شعور بالغيرة، بل هو اعتراض على حكمة الله وعدله في توزيع النعم بين الناس.

الرضا بما قسم الله: دعوة للتسليم بما كتبه الله لنا ولغيرنا، وعدم التطلع إلى ما عند الآخرين بطريقة تؤذي القلب والنفس.

العاقبة الحسنة للمحسود: يبين الشاعر أن المحسود قد يزداد نعمة وتوفيقا، بينما يبقى الحاسد في خسران.

الأدب مع الله وحكمته: تذكير بأهمية التواضع والرضا بما يقدره الله وعدم التدخل في أقدار الناس.

الأبيات الشعرية "أيا حاسدا لي على نعمتي" تقدم درسًا عميقًا حول خطورة الحسد وكيف يمكن أن يكون اعتراضا على حكمة الله. هي دعوة صريحة للناس للتفكر في مشاعرهم وسلوكياتهم، وللسعي نحو الرضا بما قسم الله لهم. الأبيات تحمل رسالة روحانية واجتماعية تدعو للسلام الداخلي والابتعاد عن مشاعر الحسد والضغينة، مما يجعل الحياة أكثر سكينةً وتوازنًا