إذا احترت بيني وبين غيري فلا تخترني،،تشير العبارة إلى أنه إذا كان على الشخص الآخر التردد في الاختيار بينك وبين شخص آخر، فقيمتك لا تحظى بالتقدير ...
يعد القول "إذا احترت بيني وبين غيري فلا تخترني" للشاعر الكبير محمود درويش واحدًا من العبارات التي تحمل في طياتها معاني عميقة ترتبط بالكرامة والثقة بالنفس. هذه العبارة، رغم قصرها، تعبر عن فلسفة حياة ترتكز على الاعتزاز بالذات والوعي بقيمة الشخص، وتُعلمنا دروسًا ثمينة في التعامل مع الغير بكرامة واحترام. في هذا الموضوع، سنستعرض أبعاد هذه العبارة وكيفية تطبيقها في مختلف جوانب الحياة.
معنى العبارة: القوة في الاختيار
عندما يقول محمود درويش "إذا احترت بيني وبين غيري فلا تخترني"، فهو يعبر عن موقف قوي من النفس والثقة. في جوهرها، تشير العبارة إلى أنه إذا كان على الشخص الآخر التردد أو الحيرة في الاختيار بينك وبين شخص آخر، فذلك يعني أن قيمتك لا تحظى بالتقدير الذي تستحقه. ومن هنا، يأتي الرد المباشر والقوي: "لا تخترني". درويش يرفض أن يكون خيارًا بين آخرين، فهو يرى أن الإنسان الذي يعرف قيمته لا يجب أن يكون مجرد بديل أو احتمال.
الثقة بالنفس والكرامة الشخصية
هذه العبارة ترتبط مباشرة بمفهوم الثقة بالنفس والكرامة الشخصية. الثقة بالنفس هي القدرة على معرفة قيمة الذات، والإيمان بأن الشخص يستحق التقدير الكامل، وليس النصف أو التردد. الأشخاص الذين يتمتعون بثقة عالية بالنفس يرفضون أن يكونوا موضع شك أو تردد، لأنهم يعلمون أن قيمتهم لا تتطلب ذلك.
الكرامة الشخصية، من ناحية أخرى، تتجلى في موقف الشخص الذي يرفض أن يتم معاملته كمجرد خيار. الكرامة تأتي من الداخل، من إحساس عميق بأنك تستحق التقدير والاحترام، وأنك لست مضطرًا للقبول بأن تكون في منافسة مع شخص آخر.
الرسالة النفسية والاجتماعية وراء "إذا احترت بيني وبين غيري فلا تخترني"
الرسالة النفسية التي تحملها هذه العبارة قد تكون بسيطة ولكنها عميقة. الشخص الذي يعرف قيمته لا يسمح للآخرين بالتردد في اتخاذ قرار بشأنه. فهو يتوقع أن يكون الخيار الأول بدون تردد، أو أن يتم استبعاده تمامًا.
من الناحية الاجتماعية، تعكس هذه العبارة قوة الشخصية في العلاقات الإنسانية. قد يكون ذلك في العلاقات العاطفية، المهنية، أو حتى الصداقات. إنها دعوة مفتوحة للجميع ليقوموا بتقدير أنفسهم ومعرفة قيمتهم، وعدم السماح لأي شخص أن يتردد في الاختيار بينهم وبين غيرهم.
التطبيقات في الحياة اليومية
يمكن أن تكون هذه العبارة دليلًا عمليًا للتعامل مع المواقف الحياتية. سواء كان ذلك في بيئة العمل، العلاقات العاطفية، أو في صداقاتك، يجب أن تكون قادرًا على تحديد مدى تقدير الآخرين لك. إذا كنت تجد أن الشخص الآخر يتردد في اختياره لك، فهذا يعني أنك بحاجة إلى إعادة تقييم تلك العلاقة.
على سبيل المثال:
في العلاقات العاطفية، إذا شعرت بأن شريكك يتردد بينك وبين شخص آخر، قد يكون من الأفضل أن تسحب نفسك من المعادلة. الكرامة الشخصية تتطلب ذلك.
في بيئة العمل، إذا شعرت أن مديرك أو زملائك لا يقدرون جهودك بما فيه الكفاية، فإن أفضل طريقة لحماية نفسك هي أن تكون واضحًا بشأن قيمتك.
دروس مستفادة من عبارة "إذا احترت بيني وبين غيري فلا تخترني"
هذه العبارة العميقة للشاعر محمود درويش تحمل في طياتها العديد من الدروس الحياتية التي يمكننا تطبيقها في حياتنا اليومية لتعزيز الثقة بالنفس والكرامة الشخصية. إليك أبرز الدروس المستفادة من هذه المقولة:
1. اعرف قيمتك
أحد أهم الدروس التي يمكننا استخلاصها من هذه العبارة هو ضرورة معرفة قيمة الذات. عندما تدرك قيمتك الحقيقية، ستكون قادرًا على تقدير نفسك وعدم السماح للآخرين بتقليل من شأنك. لا ينبغي أن يعتمد تقديرك لذاتك على تقييم الآخرين لك؛ بل يجب أن ينبع من إيمان داخلي بأنك تستحق الأفضل. إذا شعرت بأن الآخرين يترددون في اختيارك أو التشكيك في قيمتك، فهذا يعني أنك في حاجة إلى إعادة تقييم تلك العلاقة أو الموقف.
2. لا تكن الخيار الثاني
كونك خيارًا ثانيًا أو بديلاً يُعد انتقاصًا من شأنك. إذا وجدت نفسك في موقف حيث يتردد الشخص الآخر في الاختيار بينك وبين شخص آخر، يجب أن تدرك أن هذه ليست علاقة صحية. إن الشخص الذي يحترمك ويقدرك لن يتردد في اختياره لك. إن هذه العبارة تدعونا إلى رفض أن نكون خيارًا احتياطيًا أو ثانيًا؛ يجب أن نكون الخيار الأول أو لا شيء.
3. احترام الذات
الكرامة الشخصية تأتي من احترام الذات وتقديرها. هذه العبارة تعلمنا أن الشخص الذي يحترم ذاته لا يسمح للآخرين بأن يتلاعبوا بمشاعره أو يجعله ينتظر اختيارهم له. احترام الذات يعني معرفة ما يستحقه الشخص، وعدم الرضا بأقل من ذلك. عندما تحترم نفسك، سترفض أن تكون خيارًا من بين عدة خيارات، وستختار بنفسك الابتعاد عن المواقف التي لا تليق بك أو لا تحترم كرامتك.
4. تحديد الحدود الشخصية
من المهم أن يحدد الشخص حدوده الشخصية ويعرف متى يجب أن يقول "لا" ويبتعد عن المواقف التي لا تعكس تقديره الحقيقي. قبول أن تكون خيارًا بين الآخرين يضعف من شخصيتك ويجعل الآخرين يرونك أقل مما تستحق. لذا، عليك أن تضع حدودًا واضحة لنفسك، وأن تكون حازمًا في عدم قبول أن تكون في وضع يجعلك موضع شك أو تردد.
5. القوة في الاعتزاز بالنفس
العبارة تبرز أيضًا القوة الداخلية التي تنبع من الاعتزاز بالنفس. الشخص الذي يعتز بنفسه لا يحتاج إلى تأكيد الآخرين على قيمته. بدلاً من البحث عن التقدير من الآخرين، يسعى الشخص القوي إلى تحقيق رضاه الداخلي والاعتزاز بإنجازاته وقيمه. هذه القوة تمكنك من الابتعاد عن المواقف التي لا تستحقك، ومن رفض أن تكون جزءًا من مقارنة غير عادلة.
6. اختيار العلاقات الصحية
العلاقات التي تقوم على التردد والشك ليست علاقات صحية. إذا كنت تشعر أن الآخرين يترددون في اختيارك أو لا يمنحونك التقدير الكافي، فهذا دليل على أن هذه العلاقة ليست مبنية على الاحترام المتبادل. العلاقات الصحية تقوم على الوضوح والتقدير، وليس على الحيرة والتردد. لذا، عليك أن تختار علاقات تحترم قيمتك وتقدرك بالشكل الذي تستحقه.
7. الثقة بالنفس والإصرار على الأفضل
الدرس الأخير الذي يمكن استخلاصه هو أهمية الثقة بالنفس والإصرار على الأفضل. هذه العبارة تدعونا إلى أن نكون واثقين من أنفسنا وأن نرفض أن نكون جزءًا من أي موقف لا يعبر عن قيمتنا الحقيقية. الشخص الواثق بنفسه لا يقبل أن يُترك في موضع الشك أو المقارنة، بل يصر على أن يكون الخيار الأول في حياة الآخرين، أو يختار الابتعاد بكرامته.
) ))----(( (
قيمة لا تقبل المساومة
في النهاية، تُعد عبارة محمود درويش "إذا احترت بيني وبين غيري فلا تخترني" درسًا في الكرامة، الثقة بالنفس، ورفض التردد. إنها دعوة لأن يكون الشخص واضحًا في تقدير ذاته وألا يقبل أن يكون خيارًا بين آخرين. على كل فرد أن يكون صادقًا مع نفسه، وأن يختار أن يكون الخيار الأول أو ألا يكون خيارًا على الإطلاق.
في حياتك اليومية، تذكر دائمًا أنك تستحق أن تكون الخيار الأول بدون تردد، وإذا كان هناك من يحير فيك، فإن كرامتك تستوجب أن تنسحب.