التذكر والنسيان: الفهم العميق للذاكرة البشرية التذكر هو عملية استرجاع المعلومات التي تعلمناها واحتفظنا بها في ذاكرتنا. يُعرف أيضًا باسم الاسترجاع،
ما هو التذكر؟
قبل الخوض في التذكر والنسيان كحالة، دعنا نتعرف أولا على التذكر كمفهوم. فالتذكر هو عملية استرجاع المعلومات التي تعلمناها واحتفظنا بها في ذاكرتنا. يُعرف أيضًا باسم الاسترجاع، وهو استحضار الماضي على شكل ألفاظ، أو معانٍ، أو حركات، أو صور ذهنية. لفهم عملية التذكر بشكل أفضل، يجب دراسة أربع عمليات رئيسية:
التعلم أو التحصيل أو الحفظ: وهي عملية اكتساب المعلومات أو الخبرات الجديدة وتخزينها في الذاكرة.
الاحتفاظ أو الوعي: وتعني الاحتفاظ بالمعلومات المكتسبة لمدة زمنية معينة، مما يسمح بالاستفادة منها في وقت لاحق.
الاسترجاع: وهو استحضار المعلومات من الذاكرة عند الحاجة إليها.
التعرف: وتعني القدرة على التعرف على المعلومات التي تم تعلمها مسبقًا عند عرضها مرة أخرى.
التذكر والنسيان: ما الفرق؟
التذكر والنسيان وجهان لعملة واحدة، فبينما يساعدنا التذكر على الاحتفاظ بالمعلومات واستخدامها، فإن النسيان يمثل فقدان القدرة على استرجاع هذه المعلومات أو الخبرات المخزنة. من المهم أن نفهم أن النسيان لا يحدث عبثًا، بل هناك عوامل وأسباب تساهم في حدوثه.
أسباب النسيان: نظريات وأساليب الفهم
هناك عدة نظريات تفسر أسباب النسيان، وكل منها يسلط الضوء على جانب مختلف من هذه العملية المعقدة. إليك نظرة على أهم هذه النظريات:
نظرية الترك والضمور:
ترى هذه النظرية أن الذكريات والخبرات السابقة تضعف آثارها تدريجيًا بسبب عدم استخدامها. بمرور الوقت، تتلاشى آثار هذه الذكريات، مما يؤدي إلى نسيانها. هذه النظرية قد تفسر بعض حالات النسيان، خاصة تلك المرتبطة بالشيخوخة أو بعض الأمراض. ومع ذلك، تعرضت النظرية للكثير من النقد، إذ إنها لا تستطيع تفسير جميع حالات النسيان.
نظرية التداخل والتعطيل:
وفقًا لهذه النظرية، فإن كثرة الأعمال والسلوكيات التي يقوم بها الفرد يمكن أن تتداخل مع بعضها البعض، مما يسبب نسيان الكثير من الأحداث. على سبيل المثال، عندما يقوم الشخص بالعديد من الأنشطة اليومية، قد يحدث تداخل بين الذكريات، مما يؤدي إلى صعوبة في استرجاع المعلومات المخزنة.
نظرية التعطيل الرجعي:
هذه النظرية تشير إلى أن التعلم الجديد يمكن أن يتداخل مع التعلم السابق، مما يؤدي إلى نسيان بعض المعلومات القديمة. على سبيل المثال، إذا تعلم الشخص شيئًا جديدًا يشبه شيئًا قديمًا، فقد يؤدي ذلك إلى نسيان المعلومات الأقدم بسبب هذا التشابه.
نظرية الكبت:
هذه النظرية، التي اقترحها سيجموند فرويد، تركز على النسيان الناتج عن الرغبات المكبوتة. يُعتقد أن النسيان يحدث كآلية دفاعية للعقل الباطن للتخلص من الذكريات غير المرغوبة أو المعلومات التي لا يهتم الشخص بتذكرها.
قياس التذكر والنسيان: أساليب عملية
لقياس درجة الوعي والنسيان، هناك عدة طرق يمكن استخدامها تهدف إلى تقييم القدرة على التذكر. هذه الطرق تساعد في تحديد مدى قدرة الشخص على الاحتفاظ بالمعلومات واسترجاعها:
طريقة الاسترجاع:
تتضمن هذه الطريقة تقدير قدرة الشخص على استرجاع المعلومات التي تعلمها سابقًا، مثل استرجاع درس حفظه أو قائمة من الأسماء أو الأرقام بعد فترة زمنية معينة. هذه الطريقة تعد من الأساليب الأساسية لقياس القدرة على التذكر.
طريقة التعرف:
في هذه الطريقة، تُعرض على المفحوص مادة معينة، مثل مجموعة من الجمل أو الصور الفوتوغرافية، وبعد فترة تُعرض عليه نفس الجمل أو الصور مضافًا إليها مجموعة أخرى، ويُطلب منه التعرف على العناصر التي سبق أن تعرف عليها. تُعد هذه الطريقة فعالة لقياس قدرة الشخص على التعرف على المعلومات المخزنة.
طريقة إعادة الحفظ:
يُكلف المفحوص بحفظ قائمة من الأرقام أو قصيدة شعرية، ثم يُطالب بإعادتها لمعرفة نسبة النجاح من الأخطاء، مما يساعد على تقييم مستوى التذكر وإعادة التعلم.
أهمية فهم التذكر والنسيان
في النهاية، من المهم أن نفهم أن التذكر والنسيان جزءان أساسيان من حياتنا اليومية، فالتذكر يساعدنا على استخدام المعلومات المكتسبة للتعلم واتخاذ القرارات، بينما النسيان يمكن أن يكون آلية دفاعية لحماية النفس من التجارب المؤلمة. لذلك، من خلال فهم العوامل المؤثرة على الذاكرة، يمكن تحسين طرق التعلم وتعزيز القدرة على الاسترجاع وتقليل احتمالية النسيان.